الجمعة، 30 ديسمبر 2016

يومٌ أبيض ..

أول مرّة أشعر بأني أحتاج الحديث عن يوم مضى ، و أول مرة أنا من تغلق النوافذ والأنوار ، و أول مرة أشعر بأن يد عون الناس لا تدل على ضعفك أنت ، بل تدلّ على حبهم هم ..
تمام 3:15 PM
29 ديسمبر 2016
صحوت على صوت أخي ، وقد نمت نومة جيّدة مقارنة بماقبلها.. اعتاد أخي أن يقرأ الفاتحة بترتيل عال وهو يصعد الدرج ، أنا نائمة بعمق
" يبدو أن أبي أعاد لي نومي ..، صوت " الحمدلله رب العالمين ، اخترق مسمعي ولم يخرج وكأنه كأس وانكسر على صدري ، صحوت من ألألم  يطرق الباب - سارة ماتبين تروحين تشوفين ابوي ؟ -
وهل هذا سؤال ؟ .. نهضت من السرير.. و كلمة " الحمدلله رب العالمين"... مازالت على صدري ..
أنه كابوس أو ربما جاثوم..لحظه لا أستطيع النهوض ؟  هل أنا الآن نائمة ؟ ألم يوقظني أخي ؟ أهو حلمٌ مرة أخرى !
حسنا لا بد أني تأخرت على كل حال ، هيّا سأستيقظ واستعد فوقت الزيارة قصير .. نهضت من السرير توضأت و بدأت الصلاة.. صوت أخي مرة أخرى ، " الحمدلله رب العالمين.. الرحمن الرحيم.." يطرق الباب " سارة ماتبين تشوفين أبوي! ".. هذا سؤال غير جديد ، بلإضافة أني لا أستطيع الجواب فأنا أصلي ، يطرق الباب مرة أخرى - سارة خمس دقائق وبمشي - أنا أصلي ..! كيف أرد ؟ ..
يفتح الباب يقترب من السرير  .. لماذا أخي يقترب من السرير ! .. فأنا أصلّي على السجادة .. يحدث السرير ، -سارة سارة خمس دقايق وأمشي !!-
لحظه ! هل هذه أنا النائمة التي يحدثها على السرير ..!  ألم أصلي..!
قررت الإستحمام هذه المره لأتأكد بأني أفقت..! صليت .. وخرجت .. أخيرا ، ليس حلم .. ركبت السيارة أنا وأمي وأخي.. هدوء الطريق ،  ..جوّال أخي يرن ،
-ألوه ، إيه تو طلعنا...ليه نرجع ؟ ..نرجع للبيت ؟ خلاص نرجع نرجع (بصوت عالي ) ..-
سقط الجوّال من يده ، يضرب رأسه ب -الداركسون- ، ويداه تفعل نفس الشيء .. بشدّه.. السيارة خارج التحكم ..
" ناصر ليه تسوي كذا ليه ترجع ، ناصر بنروح نشوف أبوي... لا ترجع !! ناصر "
بكى ! و لا يُبكي الرجل غير شيء واحد  .. نسيتني وتوقفت عن سؤاله ، عرفت ،  .. أمي تتحدث لا أسمع ماذا تقول ، أحاول تهدئة ناصر لايسمعني ، يحدث ناصر الداركسون ولا يسمعه  .. لا أعرف كيف عدنا للمنزل .. لا أذكر شيء ولا أذكر الطريق ..
، هل هو حلم؟ هل سيوقظني الآن أحد ؟
. لكني أريد رؤية أبي -قلت-
رفضوا لأن اخوتي انهاروا ولايريدون لأمي أن ترى ذلك .
و أنا من سيخاف على قلبي  ، أبيت النزول من السيارة " الله... يارحمن... يارحيم  " إن كان كابوسا أيقظني منه ، إن كان ليس كذلك فهمّني ارحم قلبي و أجبر هذا الكسر في صدري .. بقيت وحدي طوال العصر في السيارة .. ناصر مع  حزنه يدور وأنا  حزني لا أعرف ماذا أفعل به ، أقرص يدي ربما أصحو!  لا ليس حلما ..
تأكدت ، لأني أوجعتني.. نزلت الآن على قدم ويد.. لأن الهواء لم يعد  موجودا في السيارة ..بقيت دون هواء..
تحت السماء ورأسي على جدار البيت.. لا أملك أي  فكرة .ما ذا أفعل بي ، أين يفترض أن أذهب ، وكيف سأبدأ مراسم فقدان الحياة من قلبي.. لم يصل أحد بعد وأخي حزين وأمي دخلت كلٌّ مشغول في وجعه .
فترة العصر كاملة . أتنفس وكأنه كُرها . وكل شيء متكسّر ،
أخيرا جاء أخ آخر ، آخر ليس حزين - فهد المبتسم -أو راكن حزنه ببتسامة ، إلى أجل مسمى ، لا أسمع ما يقوله كنت أنتظر أي يد عون حتى لو كانت عصى ، لأتكئ.. و اتكأت لأمشي.. لا أذكر أن قدماي قد وطأت الأرض ، والباقي معروف .. أقرباء يأتون ، أخوة ينظرون في أوجاعهم ، و أنا مازلت لا أعرف من أين أبدأ ..
دائما يحاول  أبي -رحمه الله - أن يذكرني ما نسيته من حفظي في الدار .. أحيانا يضع جائزة  ، وأحيانًا وهو جالس يذكر آية ويطلب منّا أنا نكملها أنا وناصر . لم يجبر أبي -رحمه الله - أحد منّا على الحفظ . كان يترك كل الطرق مفتوحة لنختارها.. لكني أخبرته مرّه أني نسيت .. أشعر بأن كل حفظي ضاع سُدى قال " لالا ما يضيع ، مكتوب هنا " وأشّر على صدره . فهمت الآن كيف يُكتب في القلب ، بدأت مراسم توديعه تحت السماء ، لأن الأسقف أُطبقت على قلبي .. في يدي قرآن .. لا أذكر من أين أخذته ، جلست وفتحت بعشوائيه.. أقرأ ، وكل صفحة أقرأها وكأن الله اصطفاها لي خصيصا..
بدأت الآن أفهم مالذي يحدث ..
" لا تحزن إن معنا " " أليس الله بكاف عبده " " وبشر الصابرين " .. والكثير. الكثير .. أقرأ بصوت عال حتى لا يسمع قلبي حديث نفسي ،
لم أفهم لم أبا يوسف  " ابيضت عيناه من الحزن " ! هو أعمى وما أعرفه أن الأعمى يرى الظلام و الظلام أسود ! لكني عرفت في تلك اللحظات حين  أغمض عيني لا أرى إلا بياضا ، ولا أفهم لم يلبسون الأسود ، فكل شيء في عيني أبيض مثل ورقة بيضاء فارغة وحزينة . أنتظر يد عون أخرى ، أريد حقا أن لا أحتاج يد غير يدي ولا معين غير الله  لكن كل شيء منكسر ..
جاءت أختي وقريبتي ، يمدّون يد العون .. وتمسكّت بها مرة أخرى .. لطالما شعرت أن عليّ أن أعتمد على نفسي في تسويتي مع الحزن لكني أردت الآن فقط أن امشي أن لا أجزع ، و أن لا يسقط قلبي . من مكانه ، ثبتّه بيدي هاتين..
رؤية أبي - غفر الله له - ،
في ظل هذا الحزن العميق ، لم أكن أحتاج لأي شيء غير  رؤيته ، أريد حقّا رؤيته .. الصلاة عليه الجمعة ، لم أنم تلك الليلة ، وقلبي لم يهدأ... كل أصواته في إذني .. ذهبت إلى خزانة ملابسه.. أرتب وأتمنى أن لا أنتهي للأبد .. رائحته حبيبه. كل صورة له تضحك ، جاء الصبح أخيرا
10:30 صباحا ..
أول مرة لي أرى ميتا وكان هذا الميت ، قطعة من روحي . المغسلة خالية إلا منه وأنا أبحث عني أين أبتي.. رأيت عمي فتوقفت قدماي .. الآن أصبح أمرا واقعا.. لكن ، لما ساعدني عمي واقتربت لم يكن هذا الموقف أول مره ! وصورة وجه لم تكن غريبة علي ..لقد رأيت هذه الهيئة عدة مرات من قبل ، ..ربما من الصدمة شعرت بذلك ..قبّلت رأسه البارد ووضعت رأسي على كتفه .. كنت أملك الكثير من الأشياء لأُخبرها إياه.. الدعوات الصلوات..أخبرته أيضا بأني مثل ما كان يفعل دائما أحمد الله كثيرا ، مع كل آهٍ حمداً.. وإني سأصبر وأني مطمئنة ، وبأن هذه الأيام ليست عبئا علي ، لالا .. فحزنه عزيز .. على أن أنتظر مرورها، لن أنسى حزني فيه بل سأُحبه . كما أخبروني أنه يرتل الشهادة من 24 ساعة قبل موته ..فأنا سأكمل عنه له  . خرجنا.. يد عون أخرى أتمسّك بها .. أصلي ، خالتي قويّة جداً ، أعني بأنها أقوى شخص رأيته على الإطلاق .. فهي  لا تمد اليد بل تدفعني وأخواتي ، لم تترك لنا فرصة .. تدفعنا بقوّة  ، عدنا والحمدلله .
يا أبتي وحبيبي..
يا قرة قلبي ، ونور عيني ، و يا كل أيامي المخضّرة ، إن قلبك مات .. قلب من سيحبني مثل حبك ؟
إن صوتك اختفى ، صوت من سيضحكني بعد صوتك ،
إن أغمضت عينك عنّي من سيراني كما تراني أنت ،
و إن ضحكتك انطفأت .. من سيُضحك دنياي بعدك!
لمن تركتني يا أبتي..؟
. سأصبر مثل صبرك ، وأقوى كقوتك ، و لن أنسى أنك أنت أنا . دائما .. لا تخف لم تحزنّي أنت .. وفقدك حبيبٌ عابر  قلبي استوطنه ، لن أترك أحدا يحمل حزنك عني .. سأبقيك بداخلي ،
قريب وبعيد .. قريب لدرجة أني  لا أستطيع لمسك  ، و بعيدٌ لا أستطيع النظر إليك.. لكني أشعر بك . مثل قلبي تماما .

الأربعاء، 28 ديسمبر 2016

في بيت الدمى ( لتمرير الوقت لا أكثر )


لم أدرك ..
 لم أدرك أن كل هذه الألوان و المشاعر .. و الحياة تتعلق بأبي إلى هذا الحد ! و لم أعرف معنى أن  تكون مقيّدا يوما ما ، لطالما كانت حريتي و جنتي في قلبي ، إلا في اللحظة التي يعجز  فيها  قلبي و تخلو  يدي من الحيَل ، إزاء أذى من أحب .. اللهم حريّة و حيلة حين لا يسعني أن أفعل شيء فأنت قادر على كل شيء ..
 لا بأس دائما لي لكن تعب الحبيب بأس  .. دائما مابحثت عن نافذة أو حيلة لكن النوافذ تُغلق عليّ و أبي : مخرجي الطوارئ مُتعب .
 أبي كأي أب في العالم مختلف  ، لا يشتكي ، و  يعطي دون أن يمدّ يده ،ولم يحسب نفسه قبلنا في شيء قط ،
نحن أولا ثم هو دائما ،  يعطي دون أن يمد يده، لا يأكل قبل أن يشبع  أصغر شخص منا  بما في ذلك عاملة المنزل حتى، .. لا أبالغ والله .. لم أره قط يأكل قبلنا أو يطلب منا انتظاره على وجبه ، ليس صبورا ولكن غضبه جميل جدا ..سريع الرضى ،  انظر إلى عينيه يبتسم ..  يضحك كثيرا و دائما ، أعتقد أن لديه الكثير من الحب ليمنحه  ولذلك كان ربّ أسرة كبيرة ومتفرّعة.. ينظر إلى كل واحد منا وكأنه طفله الوحيد ، و لم يفنى هذا الحب يوما .. حتى الآن حين يرى أصغر حفيد وكأنه ملك الدنيا وما فيها  ،  يمنح الحب بطريقة خاصة ، بنظرة وكأنها كلمة سر بيننا لا يفهما أحد ..

 من أفضل ما منحني إياه ، على الأطلاق كانت هدية و درس وصدق  : 
هناك مرحلة ما يشعر المرء أو الطفل أن عليه أن يمتلك مثل صَحبه ، حتى يكون مثلهم  - و لم أفهم حتى الآن لماذا علينا أن نكون مثل بعض !-  على كلّ ،  لُعب بيت الدمى شائعة في ذلك الوقت .. لكل فتاة بيت دُمى ، و كانت المرة الأولى التي أطلب فيها شيء بسبب أن الآخرين معهم مثله . فالطلب ثقيل علي ، وحاله الآن ليس أخف ، إلا اذا كان الأمر ضروري   مسبباً عدمه أشد الضرر .. على كل طلبت بيت الدمى كانت الساعة العاشرة .. و ابي يجلس في " المشراق  : مشتقة من شروق الشمس " جلسة أرضيه  تكون تحت السماء يجلس فيها أبي مع المذياع   و أمي تُصلي الضحى ، ذهبت لأمي أولا  ..أخبرتها ما أريد و السبب  ، و تكفلت هي بإخبار ابي   ..
 في اليوم التالي وفي نفس ناداني أبي و طلب  أن أحضرله  كرتوناً فارغ  كبير..   و أحضرت أمي مكينة الخياطة و الأقمشة .. و صنع ابي بيتا ، ليس كأي بيت..وتكفلت أمي بالدمى و الفرش  ،  لا أعتقد أن هناك غسالة ملابس" ابتكرناها بطريقة طريفة " في اي بيت دمى غير بيتي  ، كان بيتا مدهشا .. مازلت أذكر كل التفاصيل كما لو كانت أمس .. و من بعد ذلك البيت   إنطفأ بريق ما يملكه و يظنه الآخرين في عيني ..  إلى الغد و الأبد ..ماذا لو كانت لديهم جنة ليست جنتي ، و قدر ليس قدري و رزقا ليس رزقي ، و رغبةً ليست لي ! فأنا مثل نفسي ، لست كمثل احد ..
هل حقا علينا أن نملك ما يملكونه و نصير ما صاروا إليه  حتى نعود نستحق الحصول على تذكرة السماح للبقاء معهم ، من هم ؟ من نحن ؟ هم و نحن أعني بذلك نحن إجمالا لو عرفنا من نحن .. فلم نبحث عن أمثالانا مرة أخرى ؟ و نستمر في الهجوم  ، مناضلين أن نظهر أن الإختيار الصحيح هو اختيارنا - حتى لو كان خطأ -، و الطريق الصحيح طريقنا  .. إن كان الأمر كذلك فأنا أحد الخاسرين الذين عرفوا ، الخسارة ولمسوها بأيديهم . قبل أن يبدأوا طريقهم الصحيح، اختار المعرفة ، و التجربة ، استكشاف الخطأ و تصليحه ، و حدها البصيرة تفعل ذلك ، من ليس مثلنا ليس أقل ، و من هو  منّا فلا يعني بالضرورة أنه العدو !
مازلت أقتبس من ابي  و أتعلم بالرغم بأنه ليس متعلما لكنما حكيم فهو يقرأ و يكتب ، دون شهادة  و دون أي شهادة  ، يحفظ الشعر و القرآن و الحديث و التاريخ و بارعا  أشدّ البراعة في الرياضيات ، 

 لا يسعني أن اكتب لأبي  و لا أنهي الحديث فيه .. و لا أحبذ  كتابتي عنه لكن كانت التدوينة لغرض  تمرير الليل الطويل  بعد توّعك أبي اليوم ، اعتدت الهدوء لا الهلع  في أوقات مثل هذه على المرء أن لا يروّع نفسه ! 
نقلناه و لم أختر الذهاب معه ، المستفى مكانا خانق و مزدحم و أخوتي و الاطباء و الضجيج .. وهذا ليس ما احتاج  ..و هو لا يحتاجني الآن .. بقيت عند ابناء اخوتي ، درّست  من يدرس  منهم و أعددنا العشاء بهدوء .. أطفئنا النور و ناموا .. وبقيت على سريره  أصلّي أن يعود ، أدعي أن لا أعيش أياما تشبه أيام وعكته الأولى ،لكنما هناك  سكينة تنزل من السماء و تطمئنني ،  أن لا أخافأ ، و غدا سيأتي على أي حال .. و سأُزهر أنا  .  


الليلة الثانية : 27 - ديسمبر
11:35
ليلة ثانية ، هادئة و مطمئنة ، لا أذكر شيء فيها غير أن مسكت بيد أبي ، بكل قوة و طاقة و حب  و دعاء و صلاة و أمل و رضا  بقيت فيني  ، فتح عينيه و هزّ رأسه ، كانت لحظة طويلة ،لم يشتكي أبي قط ، يحمد الله كثيرا . لكني أفهم و أشعر بأقصى ألم يلمسه ، و بالحديث عن الحمد ، كم كرهت  فلسفة  اخترعها الضعفاء و الخائفين  في السؤال عن الحال و كيف هو كّ التحية  و لا يهمّ المتلقي ما إذا كنا بخير أم لا .. !  نحن لا نُخبر من يسأل خبرا  بل ندعو .. ندعو الخير فنحن لا نعرف متى يصير الحال خيرا  ومتى لا  .. و أجهل من أن نعرف ، فهو ليس  أمرا لحظيا و لا ضحكة عابرة ومثل ذلك الحال. و الحمد دعاء ، و الخير دعاء و الحال لا يستقر على وتر .

الصباح الرابع 
8:00
خدعة تمرير الوقت لم تنجح معي .. حسنا ربما كانت نافذة جديدة و أغلقت علي ، أسهر وأصحوا باكرا..وكأن اليوم كاملا محصور في ساعة واحدة من الرابعة إلى الخامسة عصرا ، الوقت المسموح لزيارته في نفس غرفة العناية والنافذة والسيب الطويل ، لكن النافذة التي كنت أُطِلّ عليه فيها ، تطلّ الآن على مريض آخر ، مريض لايُطل عليه أحد .. سريره بعيد عن النوافذ و وقت الزيارة قصير جدا ..! 
على كلٍّ فلم يعد يهم لا خدعة الوقت ولا المكان تُجدي نفعا . قريب هو أبي منّي ، قريبٌ للدرجة اللتي لا أستطيع فيها النظر إليه وبعيد لا أقدر لمسه لكني أشعر به .. مثل قلبي تماما . 

ختاما : 
- عزيزي أبي : لا يهمّّ الوقت ، ولا المكان .أفهم و أعرف كيف أعيش اليوم بما فيه . وإن أُُغلقت الأبواب والنوافذ فباب الله لا يُغلق  ، أرى عدد التحميد على شفاهك ، لم أعتدك مستسلما إلى هذا الحد ، إستيقظ و أعد إليّ نومي الذي أخذته معك ، عزيزٌ تعبك مثلك ؛ حتى أني أكره الإفصاح فيه، أعلم أنك تكره إظهاره ، لن أحمّلك هذا العبئ. سأحفظك في قلبي ، دعاءًً في صوتي و صلاة في جوارحي.. حتى تأخذه منّي بصوتك ، وعافيتك  ..

تمت .. 









الخميس، 15 ديسمبر 2016

في كل وقت و مكان هناك سارة ما ..

يوم آخر من الأيام التي أقضي فيها على غضبي بالغياب و التخفي ، إنها الطريقة الناجحة ، أن انسحب وأتأخر ، وصارت الطريقة  يوما بعد يوم جزء مني حتى أن اللحظات المزعجة تمر عبري بهدوء ساكن لا تفعله نسمة هواء  ، تبدو الطريقة جميلة وساحرة . الآن اقول ذلك بعد أن أنهيت  اليوم أخيراً .. لكن أمس ، كان تباً لها ؛ ولهذا السبب أنا افعلها لأن إما يكون المرء يعني ما يقوله أو يصمت إلى الأبد .. ومذ إن الأولى لم تعمل معي فالثانيه أسهل علي ..

وهكذا يوما بعد يوم أصبحت أعود إلى نفسي و نحل الأمر سويّا ، لأنك تبدو شخصاً صغير في عين  نفسك حين تشتكي من أذىً تُحب صاحبه ، و تبدو تافهاً حين تستمر في طرد الناس الذين لا يعجبوك لأنهم كذلك نحن لا نتسوق الناس بل نعيش معهم  ، وتبدو سيئا في نظر نفسك حين ترد الأذى بأذى فمابالك لو لحق الأذى شخص تحبه ذلك مميت !..


إن كنت لم تجد مرآة روحك بعد ستظن بإنك على حقٍ دائم  ومظلوم  في كل معركة ، وأن على الآخرين أن يصفّوا بصفك وإلا صاروا أعدائك .. وهذا مضحك!  ، أرأيت شكلك حين تلبس فردة حذاء دون الأخرى من غير قصد  أو تقلب القميص وتمشي دون أن تدرك انقلابته كذلك  الأمر أنت .للآخرين حياة أيضا كما لك و عليك أن تعرف جيدا  أن انطفاءة إحدى إنارات الشارع أهم و أجدى بالجدل  من انطفاؤك أنت ، ساوِ الأمر مع نفسك ثم أنقذ العالم إن أردت ..!


كفّة  الأيام الأخيرة معي الشاعريّة والساحرة جدا تفوز من أن يفسدها يوما أو لحظة واحده أليس كذلك ؟..
بعد قضاء يوم من الغياب بإغلاق الهاتف و وضعه  في الدرج ، " لا تفتحي الدرج حتى لا تؤذي الآخرين بمزاجك الخاص هذه ليست وظيفة الآخرين ولا عذراً لك  " قائلة لي ..
هل تدرك كم يبدوا سخيفا أن تعتذر لأنك كنت في مزاج سيء ..حسنا من يحبك حقا سيعذرك  لكن يبقى الأمر   سخيف جدا و أحمق  ، ساويت الأمر معي ...ثم استغرقت خمسة عشر ساعة نائمة متتالية لم يفصل بينهما إلا أن أشرب ماء،  تقول أمي " صلّي وأشربي ماء ونامي كما تحبين  "
  ليس الأمر غريبا جداً إنها نهاية أسبوع و كان أسبوع حافلا ، .. أعددت ترتيب   ذاتي و غرفتي وفرز كتبي ..و ملابسي ، و اكتشفت أني أراكم الفوضى عمدا حتى استطيع ترتيبها حين أحتاج إلى ذلك" في الاوقات التي يتعين فيها ان ارتبني "
 طلبية كتب أخرى "سرّا"، و أخاف أن أقع في فخ اعتياد  ذلك  ،  "أنا في قيد إعداد تدوينة عن الكتب لم تجهز بعد "  ..  بعد مرحلة الترتيب ..  نزلت لألتقي أمي التي اعتادت أمر عزلتي الفجائية ، تعايشت أنا وأمي جيدا رغم اختلافنا المطلق  في كل رأي  و ذوق و شخصية  بحب   ، فهي الوطن الأول و شجرة المنزل .. اعتدت دائما في ظل الأيام المتعبة أو في منتصف دراستي أو تعبي أن أعود على صدرها واستمع إلى صوت قلبها ، مذ كنت طفلة أعني بأني أفكر دائما بأني  أستطيع أن امكث هنالك إلى الأبد   .. وأمي تعرف ذلك جيدا و أعتادت الأمر ،.. هل تعرف شعور أن تملك صلاحية أن تبقى في مكان يشبه صدر أمي في أي وقت و لأي فترة ؟..
أنا أعرف ؛ في الحين الذي تقفل الأبواب في وجهي  لم  يكن لأمي بابا قط ، و خاصة وهي على سجادة الصلاة أوقات مثل هذه ، لا يمكن للمرء أن يعبّر عنها بأي طريقة ممكنه ....
مكثت منصته وأمي كانت أمي كما هي  دائماً ، ..
و على عكس اختلافي مع امي كان تشابهي مع ابي  ،  يحب الأطعمة التي أحب والألوان التي احب  و يكره ما أكره يهتم للشِعر و يجيد  الرياضيات يجيدها بطريقة مدهشه ! مع مزاجا متقلب وطبعا حاد و نظرة مختلفة  ، أفهم أبي كثيرا بل أراني فيه كما لو كان مرآه ،

كنت دائما  أحب اقتران اسمه معي كما لو كان اسماً واحدا ، لعل ذلك أن يميز شيوعة اسمي إذ كنت أين ما ذهبت على الأقل احتمالية وجود ثلاث سارات أمرا أكيد وشيئا فشيئ تزيد الإحتمالية لتكون في  قاعتي الواحدة خمس سارات سعد... يعني بأني لم أحسب  السارات الأخريات بعد ، و لم يزعجني أبداً وجود اسمي الكثير وحضوره أينما ذهبت ، إذ أن لكل سارة حضور، ليس للأرواح اسماء ، دائما ما كنت أشعر بأن لأسمي لحنا مختلف على الأقل بالنسبة لي  ، ليست الأسماء التي تميزنا ، ولا الأشكال إلا إذا كنّا لا نملك شيئا غيرها فهي الحيلة  الوحيدة لنعد أنفسُنا من الوجود ،  أما عني فلا بأس إن كنت مع ألف سارة ، سأصلني وإن أخطأت الطريق إلي عدى مرات.. ،
وبالحديث عن ذلك مازلت أذكر  أول سنة ابتدائيه في حفل
ة أمهات.. كانت المسابقة أن تسمع أمهاتنا أصواتنا نقرأ سورة الفاتحة و يتعرفن علينا ، فازت أمي في تمييز صوتي.. أمي الفائزة بالمركز الأول بجدارة قبل أن أبدأ اول آية من البسملة قالت هذه ابنتي  ،من أول محاولة فعلتها أمي العزيزة ❤.. 
ربما لأني لم أدوّن منذ فترة  تشعبت كثيراً  في المواضيع  ، لنحسب إذن : للإيام الثقيلة تدوينة و لأمي واحدة ولأبي واحدة
ولأسمي واحدة  ..؟ :"
أخيراً سأكتب موقفاً عن اسمي الحبيب ، لأن يدي مازالت تفعل  ، موقف مشروع الأدب ، الذي عملت عليه جاهدة بحب  ، إذ كنت مهووسة دائما في الأدب غير أني سيئة في دراسته .. انظر دائما  للأدب بشتى أنواعه و لغاته  كلوحة رسم ، لا أعرف تعلم الأدب و أتعامل مع محاضراته كحصص فنيّة و في حصص الفنيّة لا ندرس  ! ،  طُلب مني أعادة عرض المشروع   في مناسبة ليست دراسية  رفضت تماما وأخبرتها إني دراسياً غير مستعدة تماما بإظهار نفسي  وأن الأختبارات تطرق الأبواب و أن آدائي في آخر اختبار لم يكن بتلك الجودة  حتى بأني خجلت كتابة اسمي !
أطردت بحديثها العميق دائما ، والشعب الهندي عميق جدا و ملهم   .. ❤() 
" look I don't know your name and you people have a lot  popular name .. but I know you and  believe you ..in literature  you don't have to study hardly
.. you just have to love it  and I know you do    "
حسنا بعد ذلك من الصعب جداً أن يقول المرء لا .. 

الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

DANCER IN THE DARK (❤)

فور إنهائي الفلم .. حالة سكون عصفتني.. لا أعرف لماذا و كيف وماذا أقول و كيف أعبر أو اصفه إلى أن قررت أعيده في نفس اليوم ، إذ إن المرة الأولى لم تكفي ولم يكن هناك متسع من الوقت لأفكر في اقتباس .. شيء ولن أنجح ..
نبذة عن الفيلم :
يحكي قصة امرأة و أم عزباء من شرق آسيا مصابة بمرض وراثي في نظرها و على وشك فقدانه كلياً ، تحاول إنقاذ ابنها منه بجمع مال عمليّة جراحية له .. ( سيلما )
أجواء الفيلم ، لم يبدو فيلما كليّا، أعني بذلك طريقة تصوير الفلم تشبه برنامج  البث المباشر أو مسرحية   ، رغم الصراع و الدراما التي تملئ جو الفيلم إلا أنه جعلني أتنفس بين فترة وأخرى و ذلك بفضل نظرة وشخصية سيلما الغريبة جدا التي أخذتني إلى عالمها الخاص بأحلامها ، أعني في ذروة جدّية الحدث تحلم الحلم وأتنفس أنا ..
ملاحظة " علبة المنديل ضرورية " 
الإقتباسات : 
تقول سيلما إلى صديقتها كاثي 
"  أعتقد بأنك جدّية جدا ولكن لا أعتقد أن داخلك كذلك 
كاثي : لا أدري .. ليس دائما 
سيلما : كالفادا... 
كاثي : لماذا تناديني بذلك دائما ؟
سيلما : إنه كشخص كبير جدا وسعيد 
كاثي : أنا لست بذلك الكبر ، وسعيدة ؟ لا أدري ..
سيلما : انت كذلك لكن تحتاجين لشخص كي تخرجيها " 
- سيلما تقول لإبنها " أنا فقط لست أما من هذا النوع جيتن 
جيتن : ألا يمكنك أن تكوني أما من هذا النوع ؟ .."
جيف  " الصدأ و المرأة متشابهين"
سيلما تقول لبيل " أعتقد بأنه ذنبي..لقد عرفت بأن سيكون لديه عينان عليلتين و أنجبته..لم يفرق معي ..
بيل : أنت جدا قويّة ..
سيلما : أنا لست كذلك .. لدي ألعابي الصغيرة التي ألعبها حين تشتد الأمور علي ..أو عندما أعمل في المصنع وأصوات الآت تبدو كالموسيقى.. و ابدأ  أحلم ...، في حديثها عن الأفلام الموسيقيه لبيل تقول : أليس مزعجا عندما يؤدون آخر اغنية في الفيلم ؟! 
بيل : لماذا ؟ 
سيلما : لأنك تعرف عندما يبدأ الأمر كبيرا جدا ، والكاميرا تخرج من السقف وتعرف أن الفيلم سينتهي ، كنت أتحايل على هذا عندما كنت صغيرة ..وأغادر قبل انتهاء الفيلم ..وهكذا يستمر الفيلم إلى الأبد أليس ذلك رائع ؟ 
في حلم اليقظة الثاني على سكة الحديد  ، ..  الكلمات دون ترجمة لأنها أجمل " للترجمة معضّلة سأكتب فيها تدوينة قصيرة لاحقة.. "
" ? what is there to see 
I've seen it all, I have seen the trees,
I've seen the willow leaves dancing in the breeze
I've seen a man killed by his best friend,
And lives that were over before they were spent.
I've seen what I was - I know what I'll be
I've seen it all - there is no more to see!
You haven't seen elephants, kings or Peru!
I'm happy to say I had better to do
What about China? Have you seen the Great Wall?
All walls are great, if the roof doesn't fall!
And the man you will marry?
The home you will share?
To be honest, I really don't care...
You've never been to Niagara Falls?
I have seen water, its water, that's all...
The Eiffel Tower, the Empire State?
My pulse was as high on my very first date!
Your grandson's hand as he plays with your hair?
To be honest, I really don't care...
I've seen it all, I've seen the dark
I've seen the brightness in one little spark.
I've seen what I chose and I've seen what I need,
And that is enough, to want more would be greed.
I've seen what I was and I know what I'll be
I've seen it all - there is no more to see!
You've seen it all and all you have seen
You can always review on your own little screen
The light and the dark, the big and the small
Just keep in mind - you need no more at all
You've seen what you were and know what you'll be
You've seen it all - there is no more to see
وعند نهاية الفيلم وليس آخره ، سيلما تحلم
"They see it is the last song ..they don't know us.. you see it is only last song if we let it be "...

"New World"

Train-whistles, a sweet clementine
Blueberries, dancers in line
Cobwebs, a bakery sign

a sweet clementine
If living is seeing
I'm holding my breath
In wonder - I wonder
What happens next?
A new world, a new day to see

I'm softly walking on air
Halfway to heaven from here
Sunlight unfolds in my hair.."

الخميس، 8 ديسمبر 2016

سيكتمل القمر ، بدرا..


تمر بي أيام أتنفس من ثقب إبرة ، مهام متراكمة ومهام جديدة ، وتمر بي أيام أقصى ما أحتار فيه لون الورد الذي أشتريه .. والثانية زاد الأولى ! ..
والأولى شرطاً للثانية !*..
أفكر في أيامي الثقيلة بأيامي الجيّدة ، التي ستنتهي بحمد و تبدأ بخير ، وهذا زادي الوحيد ودافعي ، أتخيلها الآن أمامي مثل فيلم قصير ، الأيام المدهشة التي سأستمر في تكرار سطر من منتصف الكتاب ألف مره و ارتب الغرفة يوما كامل حتى لا يعيش الأمس معي في الغد و أبدأ اليوم بجولة صباحية وفكر صافِ.. محتارة حول أي نكهة قهوة ، و تنتهي هذه الحيرة في كل مرة  بالبندق الحبيب.. و ما دخل البندق في شيء إلا زانه.. تفقد هذه الأيام بريقها.. إذا كانت حالا دائما لكنها الآن في عيني مثل الحلم ..
لأن : إذا ما بدأت في في تحويل ما قرأت و ما سمعت وما كتبت إلى شيء حقيقي موجود ألون فيه عالمي الصغير  ، سيظل سحابة تكبر وتكبر لكنها على أية حال خيال .. الأيام المشغولة تستهلكني وتعصر غيمتي  مطرا ... و ها أنا  مرة أخرى سأعود إلي فارغة عطشى .. أرحب فيّ و أبدأ من جديد .. ليس إيجابيةً فأنا لست كذلك، وأعرف كم سيضيق ثقب الأبرة في هذه الأيام ، وسيُخال إليّ بأنني أختنق.. لكنه القمر ، القمر و أنا نملك هذه العادة ، ما إن نكتمل نُعاود التلاشي يوما ف يوم .. لكن يوما ما لابد وأن نكتمل
 .. أحب لمس كل أحوالي الجيد منها قبل السيء ..، أستطيع معرفة من خلالها ، كم  مرة شعرت بأني لن أكمل واكملت ، و بأني لن استطيع و استطعت .. وبأن حياتي قائمة على العديد من الأشياء التي كنت اظن بأني لن اتجاوزها ..و فعلت ، كل مافي الأمر أنني لم أكن ادرك  ، لم اعرفني جيدا ومازلت اجهل الكثير مني  .. و كلما التفت إلى الأمس ، فكرة واحدة تملئ رأسي .. : ان الذي استطاع أن يبدأ يوم غديد جديد بعد ألف هزيمة بفوز عظيم هو انا .. و الآن ها أنا مازلت معي ..و اعرف كم سيبدو هذا الكلام فارغا ، في وقت الهزيمة لكنه الإيمان ، الإيمان لا يتلاشى أو يموت  .. الأيمان بأني سأكتمل ، ربما غد أو بعد شهر أو سنة .. لا يهم الوقت ، سأكتمل يوم ما لابد أن افوز فوزا واحدا  على الأقل .. أليس كذلك؟ ..
في ذلك اليوم أو تلك اللحظة  سأتعرف علي بصورتي الكاملة   مجيبة على كل  الأسئلة  التي كانت تصخب داخلي مكلملة كل القطع الناقصة من البازل   ، 
و كلما تذكرت ذلك اليوم الذي سألمس فيه روحي الكاملة و هو اليوم الذي  أقترب  فيه من روح العالم ،الروح الحقيقة للعالم  ، اتنفس ببتسامة .. سيختفي كل ذلك التعب و أنساه و سأذكر فقط اكتمالي انا .


الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

العديد من النوافذ

أن أصنع بعد السماء العديد من النوافذ لروحي ، هذه مهمتي ، كتبت يوما عن ليلة السطح وكيف تمنيت إزالة وحشة ذلك المكان ، وكان يوما شاقا أن أفعل ذلك ، لكن فكرة أن ذلك المكان أصبح مكاني مكافئة كافيه ،كل ما فعلته أن أجمع خردات المنزل تلك الموجودة دائما لكن ليس لغير وجودها و وجودها فارق ، حصلت على مساعدة في توصيل الكهرباء لكن لم أستفد منه ، كنت أظن أنني بحاجة للضوء لكن ساعة بعد ساعة في الليل كانت نجوم السماء تكفي بل إن ضوء الأرض سبب لظلمة السماء التي ليست كذلك في الواقع ..
لماذا لا نملك أيادٍ طويلة للمس السماء ؟
 لأن العين تفعل ذلك .. العين تلمس أيضا ، والقلب يفعل ذلك ..تلمس اليد الأشياء التي يمكنها أن تفعل ذلك لها و حيث أن السماء أكبر من أيدينا فتتكفل أعيننا بلمسها ..فور انتهائي من مكاني الذي أحبته عينييّ كثيرا ، شاركت صديقتي، إذ كنت على اتصال معها حين تزييني له .. شاركتني بحماس " اوه أنا أيضا زّينت مكانا لي في المنزل "وشرعت واسهبت في أسماء الخامات والأثاث ، ثم إلى الوقت  الذي انتظرت في وصول هذا وهذا ، و تكلفة هذا وهذا وأنا أظهر حماسي وانصاتي  في أوقات مثل هذه ولكن في الحقيقة  لا أذكر مماقالته شيء .... أرتني حوالي 20 صورة أيضا وكان رائع بل ومثالي  !! وهالني الأمر حين انتبهت لاقتران الجمال بالخوف "لغويا" في جذر كلمة "رائع". راعه الأمر يروعه فهو يفزعه، والأمر الرائع هو ما بلغ كمال الحسن ..، أطردت قائلة : واو رائع وصمت أنا ومكاني متأملين كم يبدو الجمال مفزع ومخيف أحيانا ، وأنا لا ألمس هنا الجمال بسوء "حاشى" ..بل هذا سبب النوافذ التي أصنعها لي بين الحين والآخر  ، لكن عيني لم ترتح عيني لا يشبعها جمال واضح وكامل  مثل هذا ،ولا تبحث عنه .. و أتفهم ذلك .. اتفهم سر اختلافات أذواقنا ومتصالحة كليا مع ذلك ..ومكاني يفعل مثلي ..سرعان ما تأقلمت مع المكان ، و شاركته الكثير من المواقف والأحاديث و الأحداث   ..أخيرا إن سرعة أعتياد المرء على شيء جديد لا يعتمد على المرء بل على الشيء ..والإعتياد سلبا وإيجابا لا يبدو مشكلة .. ، بل حل 
With some wounds you have to rip off the band aid. Let them breathe, and give them time to heal.

الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

MY LEFT FOOT

القطعة الفنية التي أعادت تصالحي مع الحياة ، بعد الغضب الذي حصل لي الليلة السابقة . في الفيلم العديد من الحوارات العميقة والملهمة جدا أعتقد أن لا مانع عندي أن أشاهده أكثر من مرة في شهر واحد .. فكرت في قراءة الرواية .. لكن للأسف الترجمة الضعيفة لم توصل ما أوصله الفيلم ، و إلى  حين وصول النسخة الأصلية  من الكتاب من أمازون هذا الفيلم ، أوفى حقه الفني ..


النبذة : سيرة ذاتية قصة الفيلم حقيقية تتحدث عن حياة (كريستي براون) الذي ولد معاقاً بشلل دماغي *(حيث تكون جميع أعضاء  الإنسان عاجزة عن الحركه )، وكيف حوّل هذه الإعاقة إلى نافذة جديدة ، من خلال رسوماته التي يرسمها بقدمه اليسرى ، التي تحول ارتجافها البسيط إلى فن  .. ومن جهة أخرى يتحدث عن إيمان والدته الشديد جدا به .()..

الإقتباسات :

" الكل لا يعني شيئا لذا اللا شيء يجب ان ينتهي "


" وتذكر  دائما و إن لم نستطيع فهمك نحن ، الله يفهمك "
" الآمال المعلّقة ، تجعل القلب عليلا"

يقول كرستي عن أمه "كانت دائما لديها طريقة خارقة لمعرفة ما إن كنت سعيدا أم حزينا ، و كأنها تشاطرني نصف ما أشعر به "  

د.بالي متحدثة إلى كرستي " أتمنى أن تتوقف عن الشعور بالشفقة اتجاه نفسك " 
" لا شيء يضاهي عناء القلب المكلوم "

ظل يردد كريست قصيدة شكسبير لفترة مع د.بالي للتدرب على التحدث  .ولأن ترجمة القصيدة ضعيفة .. سأقتبسها كما هي  ..
"

"To be or not to be – that is the question.
Whether 'tis nobler in the mind to suffer
The slings and arrows of outrageous fortune,
Or to take arms against a sea of troubles,
And by opposing end them ? – To die – to sleep –
No more , and by a sleep to say we end
The heart-ache, and the thousand natural shocks
That flesh is heir to , 'tis a consummation
Devoutly to be wished"

والدة كرستي تصف سماعها لصوت كرستي وهو يردد القصيدة   " هنالك نبرة في صوته تقلقني ، .. الكثير من ألأمل في صوته  "


د.بارلي تسأل كرستي : ما رأيك ب هاملت ( بطل الكتاب الذي يحتوي على القصيدة أعلاه )
كريستي :" معوق لا يستطيع التصرف 
د.بارلي "لقد تمكن من ذلك في النهايه !"
كريستي : "متأخر جدا "


في أول افتتاح معرض للوحاته يقول مقدم الحفل " لماذا يستمر الناس في قول أن كريستي فنان معوّق موهوب اعتقد ان ذلك إهانة  إلى كريستي .. كريستي ببساطة فنان موهوب "..

والدة كريستي تقول : أنت تزداد شبها لوالدك يوما بعد يوم ، رقيق من الداخل .. خشن من الخارج ..-مشيرة إلى  قلبها - هنا تربح المعارك ليس في الحانات ، إذا كنت استسلمت فأنا لم استسلم بعد .. لقد كسرت قلبي و أحيانا اشعر بأنك أنت قلبي .. "

آخر اقتباس 
"أنني اعزل نفسي عن العالم أحيانا  ، حتى عندما أكون  وسط الناس ، وإنني أفقد الأمل غالبا في أن  أستطيع حقا التواصل معهم ..إنها ليست سوى نوع من العزلة ..الأمر الذي يتمكن منه كل رسام أو  كاتب حتى يتمكن من الإبداع  ..إذا أراد  الإبداع حقا ..إنها مثل غيمة سوداء تحيط بي فجأة و تعزلني عن الاخرين .. حالة من السكون .. استلقي على كرسيي واجعل قدمي اليسرى تعزف من جديد " 



الفلم ثري ! اثرى حتى من أن اتحدث او اقدم وجهة نظري و أخلط بينهم .. وقت ملهم حقا ..








الاثنين، 5 ديسمبر 2016

مكتوب ( أن تتخيل قصة جديدة لحياتك)

هل يسرق الكتاب النوم من العين  ؟..
  أتحايل على نفسي رغم انشغالي هذه الايام .. اتحايل على النوم حتى أطيل التحديق في كل سطر أطول وقت ممكن ..يحتوي الكتاب على قصص قصيرة ، ويترك لك أن تتخيل ماذا تعني ؟ وما ستأخذه منها لقصة حياتك الجديدة . .ويبدوا أن له الكثير من النقاد الذين لم يعجبهم بسبب مالفائدة أو ثم ماذا ..إلا إني أراه نوع جديد من الكتب التي تعززك في استخراج ال "ماذا " هو يعطيك المبدأ و لك حرية التفاصيل..
* أواجه في الكتب المترجمة بعض الأفكار الدينية الخاطئة ، لكن مازلت أشير   للقمر ،  "


 \أحيانا قد تجد نفسك وحيد تماما تتأمل منظر الغروب الجميل وتفكر .. هذا الجمال لا قيمة له لأن أحدا لا يشاركني إياه. في أوقات كتلك يجب أن تسأل : كم مرة كان مطلوبا منك أن تحب و هربت ؟ ... كم مرة خفت أن تقترب من انسان ما لتقول له بثقة واطمئنان أنك تحبه ؟ 

-" دنا التلميذ من معلمة ليسأله : أبحث عن الاستنارة الروحية منذ سنوات و أشعر بأنني قد اقتربت منها ، ليتك تكلني على الخطوة التالية ياسيدي !
سأله المعلم : كيف تعيل نفسك ؟ 
قال التلميذ ؟ لم أتعلم ذلك بعد . ابي يكفلني ، ولكن ذلك ليس مهما ..
قال المعلم : الخطوة التالية : الخطوة التالية هي أن تنظر إلى الشمس نصف دقيقة ونفذ التلميذ وصية معلمه الذي طلب منه بعد انقضاء نصف دقيقة ونفذ التلميذ وصية معلمه الذي طلب منه بعد انقضاء نصف الدقيقة أن يصف له الحقل الذي كانا يقفان فيه .
قال التلميذ : ولكنني لا أستطع  ، فقد أرهقت الشمس عيني .
قال المعلم : من يبحث عن الضوء ويتهرب من تبعاته لايمكنه الاستنارة ؛ ومن يحدق في الشمس ويظل على حاله لن يصيبه في النهاية سوى العمى ."..

-طلب مستكشف من حامليه أن يسرعوا به مقابل أن يضاعف لهم الاجر،فجروا لأيام بأقصى  ما يستطيعون من سرعة  إلا انهم ذات مساء توقفوا و وضعوه أرضا رافضين ان يتحركوا خطوة  فلما سألهم عن السبب قالوا :
" لقد كنا نجري بسرعة لدرجة أننا لم نكن ندري ماذا نفعل ، و الآن علينا ان ننتظر قليلا حتى تلحق أرواحنا  بنا" *

"أنت على قيد الحياة لأنك لم تصل بعد إلى حيث تريد أن  تصل"

" الكلمة قوة , الكلمات تغير العالم الإنسان  كذلك . ربما قيل لنا إننا لا ينبغي أن نتكلم عن الأشياء  الجميلة التي حدثت لنا خشية حسد الاخرين . هذا غير صحيح بالمرة . إن  المنتصرين يتحدثون بفخر واعتزاز عن المعجزات في حياتهم . عندما تنطلق في الجو طاقة إيجابية  فسوف تجذب الكثيرين ممن يتمنون لك السعادة . الحساد والمهزومون والفاشلون لن يصيبوك بسوء ... يستطيعون فقط إن  أنت ساعدتهم على ذلك . لا تخشى شيئاً . تحدث عن الاشياء الجميلة في حياتك مع كل من يريد أن  يستمع إليك  واينما وجدت آذانا صاغية  . روح العالم في حاجة ماسة الى سعادتك .. "
 "لكننا يجب الا ننسى إن  الحياة عبارة عن مسرات صغيرة . موجودة لكي تشجعنا , وتساعدنا في رحلة البحث وتزودنا بلحظات نتوقف فيها عن معاركنا اليومية . أن تكون سعيدا ليس خطيئة . ولا ضر من أن تكسر - من وقت لاخر - بعض القواعد في الاكل والنوم والسعادة . لاتؤنب نفسك إذا  أنت - أحيانا  - اضعت وقتك على تفاهات او حماقات صغيرة . إنها  المسرات الصغيرة التي تحفزنا "

-"عندما يكتب الانسان كتابا فانه يكتب لنفسه اولا محاولا ان يجيب على بعض الاسئلة التي كانت تصخب داخله على مدى حياته كلها وهو يعرف انه كلما اقترب من روحه فانما هو يقترب من روح العالم"
















كيف كان يومك ؟

" ويتكرر هذا السؤال مرة تلو المرة .. عندما تكون الايام الرائعة ، لماذا لا ننتبه ؟ " 

ماهو تعريف اليوم الجيد ؟  كأول فكرة يمتلكها الجميع .. هو اليوم السعيد ، اليوم الجيد "هو اليوم الذي ستحصل عليه على ماتريد " ، " اليوم الذي ستنهي فيه الدراسة  " " اليوم الذي سيتحقق فيه حلمك  " " اليوم الذي ستحصل فيه على الكثير من الهدايا  " ..

"أنت على قيد الحياة لأنك لم تصل بعد إلى حيث تريد أن تصل "

هذا تعريف اليوم الجيد عند الاغلب او حتى الجميع ..
 الآن مالذي يمنحه لنا اليوم الجيد ؟ أعني ان اسأل عن الذين أنهوا دراستهم ، ماهم فاعلين الآن  ؟ و الذين تحققت احلامهم ؟ هل فقدوا بريق ذلك الحلم حينما لمسوه ، والحاصلين على الهدايا والاهتمام  ؟ هل مازالت الهدايا تطرق ابوابكم كل يوم ؟ ..
لاسيّما أن أيامنا  الرائعة ستلفت انتباهنا عن بقيّية الايام العادية  ، ولن نصبح مثل ما كنا عليه بعد ذلك .. لذا لا يوجد تعريف لليوم الجيد ، اليوم الجيد ، يترك بعده أياما أقل من العادية ، ولاتعود أشيائنا الصغيرة التي تسعدنا تفعل ذلك .. حيث أن عين الإنسان  طويلة دائما ، و  لا تنظر إلى  مافي يديه .. و هذا بالذات سبب مرورنا بأيام سيئة فقط لكونها ليست ذلك  اليوم الرائع وربما تكرار ذلك الجيد يجعل منه يوما عاديا ومن عادي إلى باهت  ..وتستمر الأيام  الجيدة في منحنا الكثير من الأيام  الباهته و الأيام  العادية .. مازلت أذكر فكرة أن يرفض الفقير تناول الأطعمة اللذيذة حتى لا يفقد طعم طعامه المعتاد ..في الحقيقة أنا  أيضا مثلك وانا اكتب لا أعرف ما ستقودني إليه كل هذه الأفكار لكن .. أعتقد أنها معادلة وجودية لا أكثر .. الأمر ليس معقدا إلى هذا الحد إذ إن مهما كان حالك الآن فهو لن يدوم طويلا .. ونتيجة أن تترك كل يوم بما يحمله ، ..و إذا طرق يوما جيدا بابك ففتحه و في نهاية اليوم قبل أن تغمض عينك تصالح مع الغد ، اليوم العادي ..
 والأيام العادية هي أيامي الجيدة عادة ، إذ طالما كانت إثباتا وجودي حول كوني على قيد الحياة .. على عكس الأخرى .





الأحد، 4 ديسمبر 2016

كتاب النبي ..

كتاب النبي .. من الكتب التي كنت مع كل صفحة أنهيها  ، أغلق الكتاب و آخذ نفسا عميقا ..
ثم أعود للدهشة .. جبران لم يترك لي الفرصة حتى أضيع في الأسطر كما في بقية الروايات .. ..
💚







لما عزم النبي الرحيل عن قومه  .. فكر وقال :

_ "  ألقلبي أن يصير شجرة حافلة بالثمار، كيما أقطف منها لهم وأعطي؟
وهل تتدفق أمانيّي كالمناهل كيما أملأ كؤوسهم؟
ليتني كنت قيثاره فتمسني يد العلي القدير، أو مزمارا حتى تنساب خلالي أنفاسه. إنما أنا ساع إلى السكينة . ترى أي كنز لقيت في ظلها , فأنثره بثقة و اطمئنان ..
إذا كان اليوم يوم حصادي، ففي أي الحقول قد نثرت بذوري، وفي أي فصول غابت عني الآن  ذكراها؟
إن  كانت هذه اللحظه التي أرفع  فيها مصباحي , فلن تكون الشعلة التي ستضيء فيه هي شعلتي , ولسوف أرفع  مصباحي خاليا مظلما "

ولما عرف أهل  المدينة بأمر رحيله قالو :
" لا تعجل علينا الرحيل ,..  لقد سطعت في غسق حياتنا كالشمس في رائعة  النهار ,و أمدّنا شبابك بأحلام نحلمها ,.. فلا تترك أبصارنا منذ الآن عطشى إلى  ملامح وجهك "
ولما عرفت "ألمطرا أول امرأة آمنت به .."   أمر  رحيله هلعت إليه .. وطلبت منه أن يحدثهم عنهم بما عنده من الحق و العلم وبما يدور في أنحاء  سرائرهم .. و قد أسهبت في وصفه وثناءه ..
" في وحدتك كنت موصولا بأيامنا , وفي يقظتك كنت تستمع إلى مايتخلل هجعتنا من بكاء وضحك "      
بعد أن  وافق النبي طلبها .. سألته " حدثنا عن الحب "
من ما قال النبي عن الحب :
"..إذا أومأ الحب عليكم فاتبعوه , و إن كان وعر المسالك منزلق المنحدر ,..و إذا حدثكم الحب فصدقوه و إن كان لصوته أن يعصف بأحلامكم كما تعصف ريح الشمال في البستان ,.. إن  الحب كما يشد من عودكم كذلك يشجذب منكم الأغصان  , وكما يرتقي إلى  قنن هاماتكم ويداعب أغصانكم الغصة كذلك يهبط إلى  جذوركم العالقة  بلأرض فيهزها هزا ., .. كل هذا يفعله بكم الحب  لكي تعرفو أسرار  قلوبكم , وبهذه المعرفة تصبحون فلذة من قلب الوجود ..., و أما  إذا دب فيكم الحب ولم تنشدوا فيه إلا  الدعة و المتعة .. فأولى بكم أن  تستروا عريكم و تغادروا بيدر المحبة إلى  عالم لا تتعاقب فيه الفصول , حيث تضحكون ولكن دون استغراق , وتبكون و لا تنهمر كل الدموع , ...أما اذا احببت و لم يكن لك بد أن  تساور رغبات , فلتكن هذه الرغبات أن تذوب حتى تصبح كالغدير المنساب يشدو الليل بألحانه ,.. وأن تحس الألم نابع من فيض حنان دافق , و أن تنهض مع الفجر بقلب مجنح لتستقبل شاكرا يوما في الحب جديد , ...."


استأنفت ألمطرا و  سألته عن الزواج , مما قاله عنه "..
ليحب أحدكما الأخر ولكن لا تجعلا من الحب قيدا ًبل اجعلاه  بحرا متدفقا بين شواطىء أرواحكما
غنيا وارقصا وامرحا معا ، ولكن ليخل كل إلى شأنه فإن أوتار القيثارة مشدودة على افتراق وإن خفقت جميعا بلحن واحد"

و أجاب عن الاطفال
"بكم يخرجون إلى الحياة ولكن ليس منكم وإن عاشوا فى كنفكم فما هم ملككم ، قد تمنحونهم حبكم ولكن دون أفكاركم فلهم أفكارهم ، و إذا وسعكم السعى لتكونوا مثلهم ولكن لا تحاولوا أن تجعلوهم مثلكم . أنتم الأقواس منها ينطلق أبناؤكم سهاما حية , و الرامي يرى الهدف قائما على طريق اللانهاية ويشدكم بقدرته حتى تنطلق سهامه إلى أبعد  مدى ..."


بعد ذلك سأله رجل ثري عن العطاء فقال :
"إنك لتعطي القليل حين تعطي ما تملك , فإذا أعطيت  من ذاتك اعطيت حقا .,..إنها الأشجار  تعطي لتحيا , لأن الامتناع عن العطاء سبيل الفناء .. "


و لما سأل فلاح عن العمل ..
قال النبي "* الحياه تكون ظلمة حالكة إذا لم ترافقها الحركة، والحركة لا بركة فيها إن لم ترافقها المعرفة، والمعرفه عقيمة إن لم يرافقها العمل، والعمل بلا ثمر إن لم يقترن بالمحبة, فما هو العمل المقرون بالمحبة؟ هو أن تضع في كل عمل من أعمالك نسمة من روحك،.. و لقد نُبُأتم أيضا أن  الحياة ظلام حتى أصبحتم ترددون من فرط الإنهاك , ما يردده المنهكون , ولعمري إن  الحياة ظلام إلا اذا صاحبها الحافز , و كل حافز ضرير إلا  إذا اقترن بالمعرفة , و كل معرفة هباء إلا  إذا رافقها العمل , و كل عمل خواء إلا  إذا امتزج بالحب *, فإذا امتزج عملك بالحب فقد وصلت نفسك بنفسك و بالناس و بالله , و ما يكون العمل الممزوج بالحب إلا  أن تنسج الثوب بخيوط مسلولة من قلبك كما لو كان سيرتديه من تحب , أو  تبني دارا كما لو أنها  ستضم من تحب  , .. و إن  كنتم تظنون أن  الرسام الذي الذي يلتقط ألوان قوس قزح ويسوي منها على لوحته  ملامح إنسان  لأعظم قدرا ممن يصنع النعال لأقدامنا ف أنا اقول  لكم بكامل يقظتي أن  الريح لا تخاطب السنديانة الجبارة بلهجة أحلى من اللهجة التي تخاطب بها أحقر أعشاب الأرض!,.أنما العظيم من يرد صوت الرياح أغنية  , يزيدها عذوبة وحبا . إذا لم تقدر أن تشتغل بمحبة، فالأجدر أن تترك عملك وتجلس تلتمس صدقة من المشتغلين بفرح وطمأنينة..لأنك إذا خبزت خبزا وأنت لا تجد لذة في عملك، فإنما تخبز خبزا علقما لا يشبع سوى نصف جوع الانسان "




فسألت امرأة عن الفرح فقال
" إن فرحكم هو ترحكم(حزنكم )  وما أكثر  ما تمتلئ البئر التي تستقون منها ضحكاتكم بفيض دموعكم.. ,..حين يستخفك الفرح إرجع إلى  أعماق قلبك  فترى في الحقيقة أنك تفرح بما كان يوما مصدر حزنك , وحين يغمر قلبك الحزن تأمل قلبك من جديد فسترى في الحقيقة أنك تبكي إلى  ماكان يوما مصدر بهجتك ,..  كّلما أعمل وحش الحزن أنيابه في أجسادكم تضاعَفَ الفرح في أعماق قلوبكم...أليست القيثارة التي تزيد في طمأنينة أرواحكم هي نفس الخشب الذي قُطِّع بالفؤوس؟ إنكم بالحقيقة معلَّقون ككفتي الميزان بين ترحكم وفرحكم، وأنتم بينهما متحركون أبدا، ولا تقف حركتكم إلا إذا كنتم فارغين في أعماقكم "

فسأله بناء عن المساكن , قال:
"*ماذا تملكون في هذه البيوت؟ هل عندكم السلام؟ هل عندكم الذكريات؟ هل عندكم الجمال؟ أم عندكم الرفاهية فقط، و لتحرق الرفاهية الممزوجة بالطمع، الرفاهية التي تدخل البيت ضيفا، ثم لا تلبث أن تصير مضيفا،،،فسيّداً عاتيا عنيفا .. ولتبقيّن بيوتكم على الرغم من جلالها وبهائها أعجز  من أن  تحفظ أسراركم و تأوي اشواقكم ,.. "








ولما سأله خطيب عن الحرية قال :

إذا  كان هما تود إن  تخلص منه، فإنك  أنت الذي اخترته لنفسك، ولم يفرضه عليك أحد. وإذا  كان خوفا تود أن  تبدده، فإنه  يتربع في قلبك أنت، وليس زمامه في يد من تخاف. ولعمري أن  الأمور جميعا، مرغوبة أو  مرهوبة، ممقوتة أو  محبوبة، منشودة أو  ممجوجة، تتحرك كلها في أعماق  وجودك، تكاد تتعانق أبدا.
أجل، إنها  تتحرك في طوايا نفسك، كما يتحرك الضوء وظله، زوجين متلازمين.
وعندما يخبو الظل ويتلاشى، فإن  الضوء المتلبث يصبح ظلا لضوء جديد.
وهكذا تكون حريتكم، ما إن  تخلص من أغلالها، حتى تغدو هي نفسها قيدا لحرية أعظم  ..و النسيان شكل من أشكال  الحرية "
Top of Form
ولما  سألت الكاهنة عن العقل والعاطفة قال : ما أكثر  ما تكون نفوسكم ساحة قتال، تشنه عقولكم ونهاكم (النهى : العقل ) على عواطفكم وشهواتكم. وإني لأتمنى أن  أحل في نفوسكم صانع سلام، فأشيع  الوحدة بين عناصركم المتنافرة، وأرد تنافسها إلى  وئام وتناغم , إن  عقولكم وعواطفكم هي الدفة والشراع لإرواحكم السارحة في البحار، فاذا تحطمت الدفة أو  تمزق الشراع، تقاذفتها الأمواج  فضلت، أو  توقفت بلا حراك وسط الخضم وليتكم تنظرون إلى  نهاكم وشهواتكم نظرتكم إلى  ضيفين عزيزين حلا بداركم. يقينا أنكم لن تؤثروا أحدهما  على الاخر، فانكم إن  أسرفتم في العناية بإحدهما فقدتم حب الإثنين  وثقتهما.."  

و في حديثه عن الألم قال :" إن  الألم الذي بكم، هو أن  يتفتق الستر الذي يحيط بإدراككم. وكما أن  نواة الثمرة تتفتق لتكشف قلبها للشمس، كذلك الألم لا مناص لكم من أن  تخبروهولو استطعت أن  تجعل قلبك يتهلل دائما للعجائب التي تتكشف لك كل يوم، لرأيت أن  آلامك لا تقل روعة عن أفراحك، ولرضيت الأطوار  التي تنتاب قلبك، كما رضيت دائما بالفصول تتعاقب على حقلك، ولوقفت رابط الجأش، ترقب شتاء أحزانك إنما أنت الذي اخترت أكثر  آلامك. إنها  الدواء المر، به يداوي مرضك طبيب خفي في نفسك.فلتثقن إذا  بالطبيب، ولتتجرع دواءه في صمت وطمأنينة"
و في معرفة النفس قال :
"إن قلوبكم في صمت تدرك أسرار  الأيام والليالي , ولكن آذانكم عطشى إلى  صوت المعرفة ..و كم تتمنون أن تعرفوا باللفظ ما عرفتوه دائما بالفكر ,
 إن الينبوع الكامن في أعماق نفوسكم سيتفجر يوما ويجري منحدرا إلى  البحر. ولكن حذار...لا تقل في ذاتك: "قد وجدتُ الحق" بل قل: "قد وجدت حقا" "


فقال له عالم حدثنا عن الكلام :
إنكم تتكلمون حين يدُبُّ الخصام  بينكم و بين أفكاركم ,فإن عجزتم أن  تخلدوا الى عزلة قلوبكم () تعلقت حياتكم بشفاهكم و انطلقت أصواتكم تلهية و ازجاء للفراغ . ومع كثر الكلام يهلك تفكيركم  , و منكم إلى   من يسعى من يثرثون خشية الخلوّ إلى  نفسه ,لأن سكون الوحدة يكشف لأعينهم خفايا ذواتهم العارية فيفّرون منها , و منكم من يتحدثون فيكشفون بلا علم أو  رويّة عن حقائق يفوتهم معناها , "

ثم سُأل عن عن الزمن :
"... لكن ما هو خالد فيكم يدرك أن  الحياة لا يحدها الزمان , ويعلم أن  الأمس ماهو إلا ذاكرة اليوم و أن  الغد ماهو إلا  حُلمه , إن  من يتغنّى فيكم و يتأمل ما يزال في رحاب اللحظة الأولى , تلك التي انتثرت فيها النجوم في السماء "

و في حديثه عن الخير والشر قال: "أنت خَيِّر إذا ثَبتَّ على مبدأ واحد مع نفسك,لكنك لا تُصبح شرّيراً إذا أنت لم تفعل.فإن البيت المنقَسم على نفسه ليس وَكْراً لِلُّصوص؛هو بيت مُنْقَسمٌ علىَ نفسه فحَسبْ.
وقد تهيم السَّفينة بلا دَفَّة شَريدةً بين الجُزُر المحفوف بالمخاطر, لكنها لا تَهوي إلى القاع.وأنت خَيِّرٌ حين تَسْعَى جاهداً للبْذلِ من ذات نفسك, لكنك لا تغدوا شِرِّيراً حين تلتمس لنفسك الغُنم. وأنت خيّرٌ حين تمضي إلى غايتك ثابت العزم والخُطى,لكنك لا تكون شريراً حين تمضي بخُطى عَرْجاء.فإن الأعرج, على عَرَجه, لا يعود إلى الوراء"


وقال شاعر حدثنا عن الجمال " قال: كيف تَسْعَون إليه  وكيف تجدونه وهو .الطريق و الدليل ، الجمال ليس بحاجة و ما هو بفَمٍ عَطْشان, ولا يدٍ ممدودة فارِغة  وما هو بالصّورة التي تَودّ  أن تراها, ولا الأغنية  التي تَوَدُّ أن تسمعها , إنما هو صورة تَراها وإن أغمضت العين, وأغنية تَسْمعها وإن سَدَدْتَ الأذن "                                                                                     .

قال  شيخ حدثنا عن الدين فقال": وهل حدّثتكم اليوم عن شيئ سِواه؟أليس الدِّين هو كلَّ عملٍ وكلَّ تكفير؟ ثم هو أيضاً ما ليس بعملِ ولا تكفير, بل عَجَبٌ و دهْشَةٌ ينبعثان من النّفس دوماً...و قال ومن يَرَ في العِبادة نافذةٌ يَفْتَحُها ثم يستطيعُ أن يُغْلِق فإنه, لم يُلمَّ بعد بمسكن روحه, حيث النّوافِذ  تُشْرَعُ من فَجْرٍ إلى فَجْرٍ  إن الحياة التي تَحياها كل يوم, هي مَعْبَدُك وهي دينُك؛.وإذا أردتم أن تَعْرِفوا الله فلا تَشْغَلوا أنفُسَكم بحل الألغاز,
بل أنظروا فيما حولكم تَرَوْه يُداعب أطفالكم. وانظروا إلى الفضاء تُبْصِروه يسير بين السّحاب, ويَبْسُط ذِراعيه مع البَرق, ويتنزّل في المطر. سترون بَسْمَتَهُ في الزّهر, وحين يعلو يَخْفقُ الشجر بِخَفَق يديه. "
وهنا تحدثت إلمطرا .. فقالت حدثنا عن الموت : قال " الموت :
معرفة أسرار الموت لا يمكننا الوصول إليها إن لم نسعى إليها من قلب الحياة ، لأن البومة التي لا تفتح عينيها إلا في الظلمة ـ البومة العمياء عن نور النهار ـ لا تستطيع أن تنزع الحجاب عن أسرار النور ، فإذا رغبنا بالحقيقة أن ننظر إلى روح الموت ، علينا أن نفتح أبواب قلوبنا على مصاريعها لجسد الحياة ، لأن الحياة والموت واحد ، كما أن النهر والبحر واحد تماماً ، ففي أعماق آمالنا ورغباتنا تتوضع هناك معرفتنا الصامتة لما وراء الحياة ... وكما تحلم البذور الهاجعة تحت الثلوج في الربيع ، هكذا تحلم قلوبنا بربيعها ، لذلك فالتكن ثقتنا بالأحلام عظيمة ، لأن بوابة الأبدية مختفية فيها ، أما خوفنا من الموت فهو أشبه بارتجاف العاري الواقف أمام الملك عندما يرفع  يمينه فوق رأسه لكي يكرمه وينعم عليه بوسام الفخار والرضى ...!!! أفلا يفرح العاري مع ارتعاشته لأن ملكه يقله وسام الشرف والرضى ؟؟ ، ولكن ألا يشعر مع ذلك برتجاف جسده وخفقان قلبه ؟؟ وهل موت الإنسان سوى وقوفه عارياً في الريح وذوبانه في حرارة الشمس ؟؟؟ وهل انقطاع التنفس سوى تحرير النفس من مده وجزره المتواصل لكي يستطيع أن ينهض من سجنه ويحلق في الفضاء ساعياً إلى خالقه من غير قيد ولا إعاقات ؟؟
نحن لا نستطيع أن نترنم بالأناشيد حتى نكون قد شربنا من نهر الصمت ـ
 ولا نستطيع أن نباشر الصعود إلى الجبال حتى نصل إلى بداياتها ، ولن نستطيع أن نرقص حتى تتسلم الأرض جميع أعضاء جسمنا


و ما إن  فرغ من حديثه حتى أشار  إلى الملاّحين , فرفعوا المرساة على الفور ,و أطلقوا  السفينة , فصرخ الناس كأنهم من قلب واحد .وتعالى صراخهم في عتمة الغسق , و حملته الريح كأنه دويّ بوث عظيم ,"ألمطرا وحدها لزمت الصمت , وظلت واقفة حين تفرق الناس اجمعين ,"