الثلاثاء، 22 أكتوبر 2019

All is well

استقبلت عقد العشرين من عمري بخسارة والدي و قالوا لي بأن الحياة ستمضي بي..
ليس طفوليا ان أشعر انه ليس من العدل أن يرحل، و لطالما شعرت و تسائلت عن الحكمة، في لحظة واحدة بين ليلة وضحاها إنسان كامل يختفي من الوجود دون اشعار أو تمهيد، إنسان احمل في جسدي من دمه دما، و في قلبي من قلبه  لحظات و ضحكات، آمان و دعم، اختار الله أطيب و أصدق واجمل أفراد عائلتي. و أخذه مني.إلى مكان أفضل، كما آمل.و أرجو.
لا ليس أبا مثاليا لكني أذكر قلبه الواسع دائما، يسامح، يتناسى و يهوّن كل أمر، يناديني بالدانة، ويؤثرني على نفسه، لقد رحل باكرا قبل أن أخبره أو أريه كيف كبرت.. سريعا.

للفقد شعور غريب حفرة في القلب عميقة، تلتهب، تشتعل، تبرد و تتجمد، وعلينا أن نتعايش معها مدى العمر.
لكني بدهشه و رحمة أنجو؟
أنجو من القلق الضامر في جوفي، و من الحزن المستتر تحت جلدي، و ابتسم، بغرابة ومراره استقبل يوما جديدا؟ فصلا جديدا؟ سنة جديدة؟
و أودع يوما آخر؟ فصلا آخر ؟ سنة آخرى؟..
يسألني ابن اختي الصغير :
أليس عندك أب مثلي؟
اخبره بأن لدي، اريه صورته.. ربما تذكر
أين هو الآن؟
إلى السماء هناك أنظر..
حين نكبر نذهب للسماء؟
- أجل،
- أها إذن سنذهب و نسلم على بابا سعد.

ربما فهمت و أدركت قيمة الإنسان، قيمة كل ابتسامة عابرة،  دعم صادق، و لطف غير مبرر، فهمت أن لا أثمن من أن نمنح لحظات دافئة لمن نحب ، من الحب، التفهم، القبول ، لأن إن كانت الحياة ملتوية و ثقيلة ، و مليئة بالمنعطفات فعلى الأقل قد ننجو بأقل الخسائر بجانب  من نحب، و لأن أكثر اللحظات التي تخفف علي فقدي هي اللحظات التي قدمت فيها ذلك  لوالدي،
الأطباق الدافئة،  النظرة و البسمةو اليد الممتدة له ليستعين بها، فكيف أكون أكثر سرورا و عزاءا بعد ذلك؟
ورود العزاء في قلبي مباركة، لأنها حين غُرست كان الحب يسقيها و رحمة الله تتسلل إليها
أسأل نفسي هل يكون الحب خسارة أو ندما ؟
أبدا، الحب هو الشفاء و العزاء و الركن الأخير نلجأ إليه بعد تعب الرحلة فنجده ينتظرنا بكل رحب وينظر لنا بكل سرور و مودة. الحب هو الآمان و الرحمة..
ما زلت ابحث عن معانٍ إنسانية أخرى لأنويها و انسجم معها. و من ثم اضيفها إلى قاموس حياتي.

All is well :
لقد عُرفت بهذه العبارة بين صديقاتي و أهلي، لكن لا أحد يدرك كم هو صعب أن يعمل بها الإنسان فهي تعني أنه من الخير أني اتألم، و من الخير أني أسقط و أتيه ، و من الخير أني خسرت، و من الخير أني فشلت، قاعدة آلهيه، تخبرني أن ليس هناك سوء فهل ذلك سهلا؟
ليس سهلا بكل صدق، خلق الإنسان عجولا، هذه القاعدة تتطلب الترويض الذاتي، الصبر، التأني، و الكثير من التأمل ، لأن نظرة الإنسان لما يحدث قاصرة على معرفته الضئيلة بنفسه و بمن حوله، و من هنا نطلب الحكمة من الله،
(خلق الإنسان من عجل سأريكم آياتي فلا تستعجلون)
يارب أرِنا الأمور كما هي، و بصِّرنا الحقيقة و دلنا الصراط المستقيم. ربما ليس سهلا أن ندرك و نطمئن بأن أمورنا كلها خير، لكن التفاته بسيطة لإحداث مضت و تفاصيل حلوة و مُرّه أوصلتنا لما نحن عليه الآن.. إدراك أن الحياة لن تكون خالية تماما من الحزن و الخسارة، لكنها ستمنحنا بقدر ذلك وأكثر من الحب و الآمان، الدفء و المسرات الصغيرة.. 
و الحكمة في طريقها إلينا بعد ذلك.. 
لأن الحكمة أعمق من المعرفة، الفهم، الإدراك، التبصر،.. 
الحكمة هي ذلك الخيط الذي يربط كل شيء بمعناه وأصله. الحكمة النظرة الكاملة، و العلم الوافِ، و المعرفة الحق. و التفسير السليم. و المحطة الأخيرة. 










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق