الاثنين، 3 أبريل 2017

قصة غير قصيرة

كان يا ما كان

-1-

محاولة يوم كامل .
6:00 ص
..لقد  استيقظت لكنها لم تفيق
العصفور على نافذتها يحسبها شجرة ... خضراء
الساعة السادسة وعليه ان يكون صباح الخير و تعيد ضبط حالها على ان تكون ما اعتادوا ان تكون عليه كل يوم .. ..
نهضت .فتحت النافذة علّ ان يتخللّ ضوء الشمس ضفائرها الطويلة  , كان همّها الوحيد أن تبدأ اليوم مع الشمس , تريد لهذا الضوء ان يكسر العتمة في عينيها ,
قالت " صباح الخير ايها الشمس , اشتقت لك  اثناء مرور الليل : لقد خدعت امي حين فتحت الباب ليلاّ و اغمضت عيني مثل فتاة سعيدة نائمة , لم تعلم انني كنت في انتظارك انا و الليل  نمشي سويا على لحن اغنية لم احفظ كلماتها بعد لكنها جيدة , جيدة جدا .. لما اغلقت امي الباب فتحت عيني مرة اخرى  لأكمل مسيرتي انا والليل مع الأغنية  الصوت يرتفع وانا ارقص في الظلام و الناس نيام , افتح ذراعي للقمر و أدور و ادور ..
انا بخير ايتها الشمس لم يهزمني شيء مثلك تماما , تفتحين ذراعيك في النهار انتي البعيدة جدا و المضيئة كثيرا تستقبلين عتمة الليل بإشراقة جديدة  كل يوم و في كل يوم يلعن فيه الناس حرارتك و ينفرون الى الظل كانو يتغنّون بضوءك و دفئك طوانت انت هذا مكانك  ثابتٌ  .. تشرقين مع ذلك كل يوم .. لن يهزمنا شيء انا و أنت .لن يهزمنا الشتاء لا الليل ولا الناس . "

اثناء تحدثها للشمس سقط عش العصفور , خاب امل العصفور , لا لغة تكفي لشرح اسفها للعصفور , لم  يلتفت , و لا فرصة اخرى لها , ما حدث حدث , العصفور يلعن الشجرة  المدعقّة , وهي في ظلّ ترحها عليه
راحت تجلس متأكة على الهواء , تأكل نفسها , اذاع العصفور خبرها . فلم تزرها العصافير , و أغلقت النافذة و عادت تتكئ على الهواء .. مذنبة هي , لأن الوقت و المكان لم يناسابا مراسم استقبال الصباح , مذنبة لأن العصافير لاتتحدث لغتها , و لأن العصفور لم يسألها ما اذا كانت هذه النافذة متاحة ام لا , تتمنى ان تختفي  .. تختفي فحسب , إن حدوث ابسط كارثة كونية لابد ان يكون له علاقة بها  , حتى تحمل ذنبهاو تُلام و تخذل المزيد من الطيور ..لا بد على شخص ما ان يكون السبب , ..

تكفّر عن اخطاءها بهذه الطريقة , لا احد يفهم هذا القلق , ترسم الدوائر على نفسها و تصلي ان لا تتعثر بثيابها او خيوط حذائها , ترش الحبوب و الماء , تنادي العصافير  لكن لا احد يسمع صوتها ، هي من يفعل ذلك هي فحسب  .


"إذا كان الطريق ليس اختياري , و كوني ما صرت عليه ليس مشيئة مني ,و أنفاسي ليست بالشيء الذي اتحكم فيه , فما انا فاعلة بي يا الله  " تقول ..
تقف امام المرآه  ترحب بنفسها مجددا :" مرحبا اخبريني مرة أخرى أن كل شيء على مايرام ، أن سندريلا وجدت حذاءها أخيرا ، و أن النعجة لم تفتح الباب، لم تثق بصوت الذئب ، وأن ليلى لم تذهب للجدة من طريق آخر ، وأن الأميرة الجميلة كان شعرها طويل بما يكفي ، وأن الأمير استطاع أخيرا أن يتسلق القلعة، ..
و أني انا وانت و القمر، والبحر المليء بالمرايا ينظر إلينا . يعكسنا بمبالغة و الأمواج موسيقى لصورنا فيه،  القمر يبتسم و انا انظر.. لي ، ..هل يمكن للإنسان أن ينتصر على الكون بلحظة واحدة ؟  .. ثم تعود
لا تفجعي *تثبّت قلبها بيديها و كأنه على جرف و على وشك السقوط * إن كل شيء بخير ,  ان  ماحدث بلأمس و ظننت انا و أنتي أننا لن ننجو بعده , استيقظنا معه في صباح الغد , و حين شعرنا اننا نختنق لم نكن كذلك , و غدا ستهدي لنا الايام لحظات خفيفة لنزداد فيها ونحارب  خيبة اخرى وما بين خيبة وخيبة دهشة  , سنرقص على نغمات اغنية اخرى تدهشنا , و نطمئن انت  و انا .. و اعلمي يا صغيرتي ان لن يفهم احد مالذي يحدث , غيرنا .. ,  اصغي الى صوت الارض الهادئ و انظري للسماء انتظري الشمس من جديد .. انت جيدة في ذلك .. "  قلبها يتمدد و يرتخي  , و تخيّط ما تبقى من الليل الطويل و في كل صبح تشرق أغلب الوقت   .. وكل ليل ترمم الكسور ، تبدو مشغولة جدا في ذلك ..,    "استعملوا الاشياء المكسورة برفق " حتى لا تؤذيكم


-٢-

  في حين تشتد الحلكة عليها كان لقلبها وهج ، إنّه يشع  .. لطالما عبرت الأيام في النظر إليه ، حتى لا تفقد بصيرتها
، في إحدى الليال التي كانت السماء فيها مشرقة أكثر مما يجب ، كانت تنظر بدهشة وتسأل
لماذا تُشرق السماء دون شمس ، ؟
خالَ إليها أن هذا الوهج في السماء هو من قلبها .. و خالت بأنها في الغد ستكون شمسا .. تماما كما تمنّت دائما .. أن تكون شمسا ، لطالما شعرت بأنها تنتمي إلى السماء ..
استيقظت .. لم تُشرق هي .لم تشرق الشمس . الوهج في قلبها انفجر .. صار قطعا من البلّور المضيء و الزجاج العاكس .. و كلّما خطت خطوة  جرح جديد ينبت في قدميها . ،كل طرف من أطراف المنزل يشعّ إثر هذا الإنفجار ..قدمين دميمة ،وعينين داعمتين النهار لا ينتهي و الليل لم يعد يأتي .. و هذا الضوء الشديد يحرق عينيها   ،  أضاعت أشياء كثيرة كصوتها وماء عينها و عالمها الزهري ، و هي . لأن الضوء شديد
هذا العالم كبير جدا - أدركت -
إشارة المرور لم تتوقف مثلا ، و أضواء المدينة و الشمس كل شيء مضيء إلا لمبتها الصغيرة التي كانت تضيئها ليلا حتى تقرأ عأيها قصص وروايات ، أول قصة كانت ، " الثلاث نعجات والذئب " لطالما تخيّلت أن البيت الأقوى هو بيتها وأن النعجة الثالث هي هي ، و أن الذئب لن يدخل هذا المنزل أبدا .. هذا ما أخبرتها أمها ، "لكن الذئب يدور للآن في أنحاء المنزل يا أمي ، لماذا لم تخبريني أن أغلق النوافذ ؟" تقول 
لقد أكلها الذئب هذه النهاية التي خبأتها أمُها .. حتى سندريلا لم يعد أبيها من السفر أبدا.. و الأميرة ضيّعها الفارس .. تخبئ الأم النهايات الحزينة لتكتشفها هي ، وهذا معنى كلمة " أن تكبر " 

 أول ثلاثة ليال لم تترك فيها الليل دقيقة واحدة. يمكنك أن تضيّعها إلى الأبد في مثل هذا الوقت الحالك البارد  .ربما كانت تحتاج الى معجزة لذلك بدأ خيالها حياكة المعجزات .. حتى تتمكن من نسج سلّم تعبر من خلاله للحياة ..

-٣-
إن ما يعكس وجهك يا صغيرتي ليست المرآه ، وإن الموسيقى التي ترقص عليها روحك ليست أغنية ، إن كل ما يحدث  لك الآن هو واقع .. وهذه الوجوه التي بدت لك أنها هي انتِ ليست إلا وجوً لآخرين غيرك ..وهذا اللحن الموسيقي ماهو إلا نبض قلبك .. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق