الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019

هدنة



تركت لكم حياتكم فتركوا ما تبقى لي من كسرة خبز و رشفة ماء..
اتركوا ازيز كرسي الإنتظار وظل الخيبة احتمي به كلما دفعني أحدكم إلى حفرة..أو جرف.

تركت لكم حياتكم..
فتركوا لي شظايا الحلم الباهت في رأسي ألونه كل يوم بألوان جديدة و يأبى أن يكون غير حلم.. اغمض عيني من أجل أن أراه ، فأسقط كثيرا واتعثر.

تركتكم وشأنكم فتركو شأني لي..
اتركوا لي نفَس الصباح و تنهيد الليل.. اتركو لي ردائي الرمادي  ألبسه فيلبسني و  فوهّة الفقد الملتهبة تأكل من عمري كلما نظرت لها.

هل يزعجكم وجودي. أم تعثرتم فيّ؟
اتركوا لي انتظاري الطويل، و قلقي المفرط، و خوفي المهتز ، وجراحي التي لم تبرأ بعد..
لأحيك من الانتظار وشاحا أخضر، امشط قلقي، و اعيد تنظيم مخاوفي من جديد، ثم أضمد جراحي و انفخ عليها بآيات الفلق و الناس.

مرهقة و متعبة..
الحزن يتعالى مع عمري، و الفقد لا يبرد ولا يهدأ.. و أنا احترفت توديع الناس.  فمن سيودعني ؟
و أنا سقيت أزهارهم فمن سيسقي لي أزهاري؟
باهته وباردة فتاة في منتصف الليل تجلس على طرف الكرسي حتى لا تطمئن .يحمل لها النوم أشدَّ مخاوفها و أخنقها ، و تحمل لها اليقظة قلق مفرط.  تطيل الجلوس، لأنها لو وقفت لن تمشي بل ستعوم. حول موجات هادئة و بطيئة دون رياح أو نسمة باردة.. دون صوت يخبرها بأن لا بأس، و دون يد تمد عونا تتكئ عليه، هدوء ساكن و موجات تسحبها إلى اللاشيء.  إلى اللا مكان ولا زمان..

"هل ستسقطين هذه المرة "؟ اسألها
" دائما أنجو" أجابت
" لكنك تقتربين من الجرف"
"أريد أن أشعر بدفء الضوء هناك، و ألمس الحقيقة"